معركة الغوطة تنتقل إلى مجلس الأمن واجهاض الخطة الاميركية فيها
شراسة المعارك وحدتها في الغوطة الشرقية لدمشق وفي العاصمة نفسها، انتقلت الى معركة لا تقل ضراوة عنها ولكن دبلوماسية في اروقة مجلس الامن الدولي.
السويد والكويت مشكورتان تقدمتا بمشروع قرار ينص على هدنة انسانية في سوريا لمدة 30 يوميا يتم خلالها ادخال المساعدات الانسانية للمناطق المحاصرة، ولكن هذا القرار بالرغم من انه ايجابي ولكن بعين واحدة مثل معظم القرارات الدولية التي صدرت بشأن سوريا منذ اكثر من 7 اعوام وحتى الان.
القرار طالب الدولة السورية بمفردها بايقاف العمليات القتالية، متجاهلا بشكل واضح القوة العسكرية الهائلة لدى الجماعات المسلحة وعلى رأسها جبهة النصرة الارهابية وجيش الاسلام في الغوطة الشرقية، اضافة الى انه لم ينص على عدم قيام المسلحين بأي تغيير على ساحة المعركة قد يؤثر عليها فيما بعد، اضافة الى انه لم يحمل الجماعات المسلحة المسؤولية عن القصف اليومي على العاصمة دمشق والذي راح ضحيته مئات الضحايا من المدنيين، ولم يستهدف اي منطقة امنية، حيث انه على العكس تماما كان القصف مباشرا على الاحياء السكنية. وهذه الامور تجعل من القرار محل جدل واسع ورفض من قبل دمشق وحلفائها في موسكو وطهران. اضافة الى ان دمشق تريد بعض المطالب من قبل الدول الغربية والعربية الداعمة للمسلحين، وتتعلق بمستقبل المنطقة ككل خصوصا شرق الفرات.
الاستنفار الدولي من اجل الغوطة كان مفاجئا بمقدار العملية العسكرية عليها، لان التحرك العسكري من قبل دمشق نحو هذه الخاصرة قد انهى اخر ورقة قد يلعبها الغرب لقلب الطاولة في سوريا واعادة الامور لنقطة الصفر. فمنذ منتصف عام 2014 لم يوجد فعليا اي تهديد حقيقي قد يسقط الدولة السورية، بالرغم من تقلص مساحة سيطرتها على البلاد في ذلك الوقت، ولكن الان كان هناك خطة اميركية تركية سعودية وهي من ثلاث مراحل رئيسية يتم العمل عليها بوقت واحد، اولها نقل عدد من المسلحين الذين تم تدريبهم بشكل مركز على عدة اعمال قتالية، وانزالهم جوا في الغوطة من قبل طائرات مروحية اميركية.
اما المرحلة الثانية فهي فتح خط الطريق بين ارهابيي "داعش" المحاصرين في البادية السورية والجماعات المسلحة المتمركزة في منطقة التنف والمسافة بينهما تقدر بـ75 كيلومتر، ومن ثم فتح معركة باتجاه منطقة الضمير.
اما المرحلة الثالثة فهي فتح الطريق والمعارك من ريف درعا الشمالي باتجاه الغوطة والمسافة تقدر بـ46كيلومتر. هذا المخطط دفع دمشق للزج باشرس مقاتليها على مدار الحرب السورية ولمن كان لديهم خبرة قتالية كبيرة ضد "داعش" و"النصرة"، في هذه المعركة وتجميدها لجميع المعارك الاخرى، وبهذا التحرك السريع والمفاجئ نسفت دمشق هذه الخطة، وهو ما يفسر الغضب الغربي الكبير تجاه هذه المعركة.
اما موسكو فقد وعدت قبل بداية مؤتمر الحوار السوري - السوري في سوتشي بأن جميع من لم يحضر سيعتبر جماعة ارهابية وسوف تتم تصفيته، وطبعا جيش الاسلام الفصيل الاقوى في الغوطة رفض الحضور، وروسيا لم تنسى ذلك، وهذا الامر تحديدا يفسر الرضى الروسي حول عملية الدولة السورية في الغوطة، اضافة الى ان موسكو قد فهمت واخيرا اللعبة الاميركية في سوريا، وهو ما يفسر تصريحات واشنطن بأن الحوار مع روسيا بشأن سوريا بات اصعب من اي وقت مضى.
قلوب الجميع تتقطع على الضحايا المدنيين سواء في الغوطة او في احياء دمشق او في كفريا والفوعة، ولهذا يجب على الجميع تقديم تنازلات لعلها تساهم في ايقاف شلال الدم السوري. المصدر: رأي اليوم